كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ) وَفَيْرُوزَجَ وَيَاقُوتٍ كَمَا قَالَاهُ (وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ الْمَبْثُوثَةِ فِي الْأَرْضِ لَا يُمْلَكُ) مَحَلُّهُ (بِالْحَفْرِ وَالْعَمَلِ) مُطْلَقًا وَلَا بِالْإِحْيَاءِ فِي مَوَاتٍ عَلَى مَا يَأْتِي (فِي الْأَظْهَرِ) كَالظَّاهِرِ وَفَارَقَ الْمَوَاتُ بِأَنَّ إحْيَاءَهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعَمَارِ وَهِيَ مُنَاسَبَةٌ لَهَا وَإِحْيَاؤُهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَخْرِيبِهِ بِالْحَفْرِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اسْتَدَلَّ بِالْإِحْيَاءِ لَمْ يَمْلِكْ مُطْلَقًا كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَخَرَجَ بِمَحَلِّهِ نَيْلُهُ فَيُمْلَكُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ بِالْأَخْذِ قَطْعًا لَا قَبْلَ الْأَخْذِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَفْهَمَ سُكُوتُهُ عَنْ الْإِقْطَاعِ هُنَا جَوَازُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِلِاتِّبَاعِ لَكِنْ إقْطَاعُ إرْفَاقٍ لَا تَمْلِيكٍ نَعَمْ لَا يَثْبُتُ فِيهِ اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ كَالظَّاهِرِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَيَاقُوتٍ) وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْيَاقُوتِ فِي أَمْثِلَةِ الظَّاهِرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ ثَمَّ وَأَحْجَارُ يَاقُوتٍ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَحَلِّهِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا لَا يَخْرُجُ) أَيْ لَا يَظْهَرُ جَوْهَرُهُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيَاقُوتٍ) وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْيَاقُوتِ فِي أَمْثِلَةِ الظَّاهِرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ ثَمَّ وَأَحْجَارِ يَاقُوتٍ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْيَاقُوتِ إلَخْ أَيْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَدَرٍ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَاهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَعَدَّ فِي التَّنْبِيهِ الْيَاقُوتَ مِنْ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيِّ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنَةِ. اهـ.
قَالَ ع ش حَمَلَ سم عَلَى حَجّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مِنْ الظَّاهِرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحْجَارُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنِ عَلَى نَفْسِ الْيَاقُوتِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
أَقُولُ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ الْعَدَدُ الْمُتَوَاتِرُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِ مَعْدِنِ الْيَاقُوتِ أَنَّهُ بِحَفْرِ مَعْدِنِهِ يَخْرُجُ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ حَجَرٌ هُوَ كَامِنٌ فِي صُلْبِهِ.
(قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ إلَخْ) كَالرَّصَاصِ وَالْعَقِيقِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَمَلِ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْحَفْرِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بُقَعًا وَنَيْلًا. اهـ. كُرْدِيٌّ وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَحَلُّهُ وَقَوْلُهُمْ الْآتِي وَخَرَجَ بِمَحَلِّهِ نَيْلِهِ إلَخْ فَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ هُنَا أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ الْآتِيَةِ آنِفًا سَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ الْمِلْكَ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِالْإِحْيَاءِ) إحْيَاءُ الْمَعَادِنِ أَنْ يَحْفِرَ حَتَّى يَظْهَرَ النَّيْلُ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَوْ اسْتَقَلَّ بِالْإِحْيَاءِ إلَخْ. اهـ. كُرْدِيٌّ وَيَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِمَحَلِّهِ إلَخْ كَمَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي عِبَارَةِ النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمَوَاتُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالثَّانِي يَمِلْك بِذَلِكَ إذَا قَصَدَ التَّمَلُّكَ كَالْمَوَاتِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْعِمَارَةِ وَحَفْرُ الْمَعْدِنِ تَخْرِيبٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ إحْيَاءَهَا) أَيْ الْمَوَاتِ وَالتَّأْنِيثُ بِتَأْوِيلِ الْأَرْضِ وَكَذَا ضَمِيرُ قَوْلِهِ لَهَا الْآتِي.
(قَوْلُهُ: وَإِحْيَاؤُهُ) أَيْ الْمَعْدِنِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَقَلَّ بِالْإِحْيَاءِ) أَيْ بِإِحْيَاءِ مَحَلِّ الْمَعَادِنِ دُونَ انْضِمَامِ شَيْءٍ مِنْ أَطْرَافِهِ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بُقْعَةً وَنَيْلًا أَيْ قَبْلَ أَخْذِهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ) إلَى قَوْلِهِ وَمَعَ مِلْكِهِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْمَعْدِنِ الْبَاطِنِ.
(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَرْيَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا الْفُرْعُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ. اهـ. مُغْنِي.
(وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهِ مَعْدِنٌ بَاطِنٌ مَلَكَهُ) بُقْعَةً وَنَيْلًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي مَلَكَهَا بِالْإِحْيَاءِ بِخِلَافِ الرِّكَازِ وَمَعَ مِلْكِهِ لِلْبُقْعَةِ لَا يَمْلِكُ مَا فِيهَا قَبْلَ أَخْذِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْجَوْزِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ السُّبْكِيّ تَضْعِيفُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَظَهَرَ الْمُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ حَالَ الْإِحْيَاءِ مَا لَوْ عَلِمَهُ وَبَنَى عَلَيْهِ دَارًا مَثَلًا فَيَمْلِكُهُ دُونَ بُقْعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا مَزْرَعَةً فَالْقَصْدُ فَاسِدٌ وَمَعَ مِلْكِهِ لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ النِّيلُ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَبِمَا قَرَّرْته فِي الْمَعْدِنَيْنِ وَبُقْعَتَيْهِمَا مَنْ مَلَكَهُ لِلنَّيْلِ عِنْدَ الْعِلْمِ فِي الْبَاطِنِ وَلِلْبُقْعَةِ عِنْدَ الْجَهْلِ فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ اضْطِرَابٍ فِي ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ فِي تَقْيِيدِهِ بِالْبَاطِنِ هُنَا فَائِدَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّخَالُفِ فِي النَّيْلِ عِنْدَ الْعِلْمِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَنَيْلًا) فِيهِ مَعَ وَمَعَ إلَخْ شَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرِّكَازِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي زَكَاةِ الرِّكَازِ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ بِمِلْكِ شَخْصٍ فَهُوَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ ادَّعَاهُ وَإِلَّا فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إلَى الْمُحْيِي فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ مَا فِي الْأَرْضِ وَبِالْبَيْعِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَدْفُونٌ مَنْقُولٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهُ دُونَ بُقْعَتِهِ) أَرْجَحُ الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْتُهُ فِي الْمَعْدِنَيْنِ وَبُقْعَتَيْهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِالْبَاطِنِ الظَّاهِرُ فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إنْ عَلِمَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ مَلَكَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدِنَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَبُقْعَتُهُمَا لَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مَعَ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا مَزْرَعَةً وَلَا بُسْتَانًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَنَيْلًا) فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَعَ مِلْكِهِ إلَخْ شَيْءٌ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرِّكَازِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرِّكَازُ يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي زَكَاةِ الرِّكَازِ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ بِمِلْكِ شَخْصٍ فَهُوَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ ادَّعَاهُ وَإِلَّا فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إلَى الْمُحْيِي فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ مَا فِي الْأَرْضِ وَبِالْبَيْعِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ مَدْفُونٌ مَنْقُولٌ انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهُ دُونَ بُقْعَتِهِ) وَأَرْجَحُ الطَّرِيقِينَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ الْبُقْعَةِ وَالنَّيْلِ خِلَافًا لِلْكِفَايَةِ مُحَلَّى وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ: فَالْقَصْدُ فَاسِدٌ) لِتَأْدِيَتِهِ إلَى حِرْمَانِ غَيْرِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَمَعَ مِلْكِهِ إلَخْ) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْجَهْلِ وَالْعِلْمِ عَلَى مُخْتَارِ الشَّارِحِ وَفِي صُورَةِ الْجَهْلِ فَقَطْ عَلَى مُخْتَارِ غَيْرِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ رَاجِعٌ إلَى مَنْطُوقِ الْمَتْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي حَيْثُ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ.
(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ لِشَخْصٍ مَا اسْتَخْرَجْته مِنْهُ فَهُوَ لِي فَفَعَلَ فَلَا أَجْرَ لَهُ أَوْ قَالَ لَهُ فَهُوَ بَيْنَنَا فَلَهُ أُجْرَةُ النِّصْفِ أَوْ قَالَ لَهُ كُلُّهُ لَك فَلَهُ أُجْرَتُهُ وَالْحَاصِلُ مِمَّا اسْتَخْرَجَهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَجْهُولٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْته فِي الْمَعْدِنَيْنِ وَبُقْعَتَيْهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَخَرَجَ بِالْبَاطِنِ الظَّاهِرُ فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ إنْ عَلِمَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدِنَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَإِنْ أَفْهَمَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُمْلَكُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا بُقْعَةُ الْمَعْدِنَيْنِ فَلَا يَمْلِكُهَا بِالْإِحْيَاءِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِمَا لِفَسَادِ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا مَزْرَعَةً وَلَا بُسْتَانًا أَوْ نَحْوَهَا.
تَنْبِيهٌ:
إنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْمَعْدِنَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِلَّا فَمَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ طَبَقَاتِهَا حَتَّى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ. اهـ.
عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فَإِنْ عَلِمَهُمَا لَمْ يَمْلِكْهُمَا وَلَا بُقْعَتَهُمَا، وَإِنْ جَهِلَهُمَا مَلَكَهُمَا وَبُقْعَتَهُمَا زِيَادِيٌ وَسُلْطَانٌ وَشَوْبَرِيٌّ. اهـ.
(وَالْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ) بِأَنْ لَمْ تُمْلَكْ (مِنْ الْأَوْدِيَةِ) كَالنِّيلِ (وَالْعُيُونِ فِي الْجِبَالِ) وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَوَاتِ وَسُيُولِ الْأَمْطَارِ (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ» وَصَحَّ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ» فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَحَجُّرُهَا وَلَا لِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا إجْمَاعًا وَعِنْدَ الِازْدِحَامِ وَقَدْ ضَاقَ الْمَاءُ أَوْ مُشْرَعُهُ يُقَدَّمُ السَّابِقُ وَإِلَّا أُقْرِعَ وَعَطْشَانُ عَلَى غَيْرِهِ وَطَالِبُ شُرْبٍ عَلَى طَالِبِ سَقْيٍ وَلَيْسَ مِنْ الْمُبَاحِ مَا جُهِلَ أَصْلُهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ مَنْبَعُهُ مِنْ مَمْلُوكٍ لَهُمْ بِخِلَافِ مَا مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَدِجْلَةَ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ وَيُعْمَلُ فِيمَا جُهِلَ قَدْرُهُ وَوَقْتُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ فِي الْمَشَارِبِ وَالْمَسَاقِي وَغَيْرِهَا بِالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَكَّمَةٌ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ لِأَرْضِهِ شِرْبٌ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ فَعَطَّلَهُ آخَرُ بِأَنْ أَحْدَثَ مَا يَنْحَدِرُ بِهِ الْمَاءُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَأْثَمُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا لَوْ سُقِيَتْ بِذَلِكَ الْمَاءِ.
قَالَ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِي نَظِيرِهِ. اهـ.
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُجْرَةِ لِقَوْلِهِمْ لَوْ مَنَعَهُ عَنْ سَوْقِ مَاءٍ إلَى أَرْضِهِ فَتَلَفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَمَا هُنَا مِثْلُهُ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْلِ فِيهِمَا عَلَى الْأَرْضِ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا ضَمِنَ فَرْخَ حَمَامَةٍ ذَبَحَهَا فَهَلَكَ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا.
وَفِي ثَلَاثَةٍ لَهُمْ ثَلَاثُ مَسَاقِي مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ أَعْلَى وَأَوْسَطُ وَأَسْفَلُ فَأَرَادَ ذُو الْأَعْلَى أَنْ يَسْقِيَ مِنْ الْأَوْسَطِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِأَنَّ لِذِي الْأَسْفَلِ مَنْعَهُ لِئَلَّا يَتَقَادَمَ ذَلِكَ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ شِرْبًا مِنْ الْأَوْسَطِ. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ ثَمَّ وَرَثَتُهُمَا يَمْنَعَانِ تِلْكَ الدَّعْوَى نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي السِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ عَلَى أَنَّ التَّقَادُمَ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شِرْبٌ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَفِيمَنْ لَهُ أَرْضَانِ عُلْيَا فَوُسْطَى فَسُفْلَى لِآخَرَ تَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ كَذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ لِلثَّانِيَةِ شِرْبًا مُسْتَقِلًّا لِيَشْرَبَا مَعًا ثُمَّ يُرْسِلُ لِمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ وَأَرَادَ هَذَا مَنْعَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَأْخِيرٌ لِسَقْيِ أَرْضِهِ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ إذَا شَرِبَا مَعًا أَسْرَعَ مِنْهُ إذَا شَرِبَا مُرَتَّبًا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالْمِيَاهِ الْمُبَاحَةِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهِيَ أَيْ الْمِيَاهُ قِسْمَانِ مُخْتَصَّةٌ وَغَيْرُهَا فَغَيْرُ الْمُخْتَصَّةِ كَالْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ فَالنَّاسُ فِيهَا سَوَاءٌ ثُمَّ قَالَ فَرْعٌ وَعِمَارَةُ هَذِهِ الْأَنْهَارِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِكُلٍّ أَيْ مِنْ النَّاسِ بِنَاءُ قَنْطَرَةٍ وَرَحًى عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ فِي مَوَاتٍ أَوْ فِي مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعُمْرَانِ فَالْقَنْطَرَةُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الشَّارِعِ، وَالرَّحَى يَجُوزُ بِنَاؤُهَا إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمُلَّاكِ. اهـ.
وَفِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَفَادُ جَوَازُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ بِنَاءِ السَّوَّاقِي بِحَافَّاتِ النِّيلِ لِقَوْلِهِ لِكُلٍّ بِنَاءُ قَنْطَرَةٍ وَرَحًى عَلَيْهَا بَلْ وَبِحَافَّاتِ الْخَلِيجِ بَيْنَ عُمْرَانِ الْقَاهِرَةِ لِقَوْلِهِ وَلِرَحًى يَجُوزُ بِنَاؤُهَا إلَخْ وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ جَوَازِ الرَّحَى فِي الْمَوَاتِ بِأَنْ لَا يَضُرَّ الْمُنْتَفِعَ بِالنَّهْرِ؛ لِأَنَّ حَرِيمَ النَّهْرِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ جَوَازُ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ وَالرَّحَى فِي الْمَوَاتِ وَالْعُمْرَانِ بِامْتِنَاعِ إحْيَاءِ حَرِيمِ النَّهْرِ وَالْمَاءُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ التَّمَلُّكُ بِالْإِحْيَاءِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الِانْتِفَاعِ بِحَرِيمِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الضَّرَرِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ.